يشهد ملف الأزمة الدبلوماسية بين قطر ومصر تطورات سريعة متلاحقة حيث كثفت الدوحة من مساعيها لاسترضاء القاهرة بهدف احتواء التوتر في حين جاء الرد المصري بالإصرار على أن أي حلول يجب أن تتم بالتنسيق مع الرياض وأبو ظبي والمنامة التي قامت بسحب سفرائها من الدوحة أخيرا، وبالتالي كان مصير المبادرات القطرية الرفض من الجانب المصري الذي رأى فيها محاولة لعمل “تهدئة منفردة” والتفافا على الأزمة بدلا من مواجهة أسبابها الحقيقية.
وحسب مصادر دبلوماسية، فإن المبادرة التي يحملها الدكتور سعد الدين إبراهيم – مؤسس مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية – بشأن تسوية الأزمة بين البلدين إثر لقائه بالشيخة موزة والدة الأمير تميم بالدوحة، لم تجد من الدوائر المصرية سوى الرفض حيث لم تصبح المشكلة ثنائية تتعلق بسياسيات قطرية تجاه مصر بقدر ما أصبحت تتعلق بسياسات تضر بالأمن القومي لأكثر من بلد عربي.
والملاحظ أن دكتور إبراهيم الذي يعد “عراب” التقارب بين تنظيم الإخوان وواشنطن قبل ثورة 25 يناير يكثف في الآونة الأخيرة من لقاءاته التلفزيونية التي يؤكد فيها أن الشيخة موزة لديها رغبة حقيقية في تجاوز الأزمة مع مصر وأنها أخبرته أن تلك الأزمة لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة في العلاقات العربية – العربية وبالتالي يجب ألا تأخذ أكبر من حجمها مشيرة إلى أن الإعلام لعب الدور الأبرز فيها، حسب تصريحات إبراهيم الذي زار أيضا الإمارات والكويت ضمن جولة خليجية أخيرا.
وفي إطار ما يمكن أن نعتبره محاولات لـ “خطب الود” وامتصاص الغضب، ألمحت الدوحة عبر قنوات دبلوماسية خاصة إلى أن معظم قيادات الإخوان المتواجدة على أراضيها غادرت بالفعل إلى لندن وتركيا، كما ألمحت إلى إمكانية أن تطلب من قناة الجزيرة تهدئة لهجتها في تناول الشأن المصري، فيما اعتبرت أن عدم ظهور القرضاوي في خطبة الجمعة الماضية مؤشرا على صدق توجهها الجديد باعتبار أن الشيخ بات أداة للهجوم – أو التطاول حسب التعبير المصري – على مصر والإمارات.
وبحسب خبراء في الشأن القطري، فإن ما يحدث ليس أكثر من مناورة سياسية لجس النبض ومحاولة لشق تحالف مرتقب وغير مسبوق يجمع بين مصر والعواصم الفاعلة بمجلس التعاون، مؤكدين أن القاهرة تدرك أن الدوحة غير جادة في التهدئة التي لم يعد يكفي فيها المسارات الثنائية.
ومن الواضح هنا أن سعي الدوحة لترطيب الأجواء الملتهبة مع الرياض وأبو ظبي عبر البوابة المصرية، يتسق تماما مع ما أفصحت عنه دوائر قطرية من أن السبب الحقيقي وراء سحب السفراء يتمثل في الموقف من مصر، حيث أصبحت القيادة القطرية على قناعة بأن التهدئة مع القاهرة تعني التهدئة مع عمقها الخليجي والعكس صحيح.