الرياضة المصرية تحت قصف "حرب الأحذية"، هذا ما يمكننا أن نلخص به مشاهد تلك الحرب بين الوزارة واللجنة الأوليمبية، حرب أشعلتها “جزمة”، وهى الجزمة التى أشار إليها طاهر أبوزيد، وزير الرياضة فى حديثه إلى عدد من ورؤساء الاتحادات الرياضية فى الاجتماع المغلق، وتسربت كل تفاصيله إلى كل الجهات المسئولة وغير المسئولة، وكان أبوزيد هو صاحب الجملة التى استهللنا بها هذا التحقيق الخطير، الذى تكشف من خلاله أدق التفاصيل والأسرار.
والغريب أن «الجزمة» باتت عنوان المعركة، حيث بادر المستشار خالد زين، رئيس اللجنة الأوليمبية المصرية إلى دعوة الاتحادات لاجتماع طارئ للرد على فيما أسماه «الإهانة الكبرى.. والسقطة الكبيرة للوزير»، وهو الاجتماع الذى حضره الدكتور حسن مصطفى، رئيس الاتحاد الدولى لكرة اليد، والذى أعلن تحالفه مع زين ضد الوزير، انتقاما من جانبه على قيام أبوزيد بفتح ملف قضية عمرها 15 عاما، بتقديم بلاغ للنائب العام للتحقيق فى قضية اختفاء مليون و600 ألف فرنك سويسرى وصلت للاتحاد المصرى لكرة اليد فى عهد رئاسته من قبل الدكتور حسن مصطفى عام 1999 وكان المبلغ معونة من الاتحاد الدولى لمصر لتنظيم بطولة كأس العالم .
وكان اللافت للنظر أن زين تفرغ لمهاجمة الوزير على الجزء الأول فقط من مقولة أبوزيد لرؤساء الاتحادات، ودعا كل رؤساء الاتحادات الموالية له للهجوم العلنى على الوزير، وكان له ما أراد، باستثناء الثنائى المهندس ياسر إدريس، رئيس اتحاد السباحة، والدكتور وليد عطا، رئيس اتحاد ألعاب القوى، وهما الثنائى الوحيد بين رؤساء الاتحادات اللذا أعلنا أنهما ليس مع جهة ضد جهة، بل إن وليد عطا جاهر أثناء اجتماع زين الأخير بمطالبته باحترام هيبة الدولة ممثلة فى وزير الرياضة، وهو ما أغضب رئيس اللجنة الأوليمبية، ووضح ذلك على وجهه أثناء حديث رئيس اتحاد ألعاب القوى، والذى أعقبه كلمة من ياسر إدريس أكد فيها بطريقة غير مباشرة استياءه من تخصيص المؤتمر كله للهجوم على شخص وزير الرياضة، دون التوصل إلى حلول إيجابية، فيما أعلن عدد من الرؤساء انحيازهم لجهة على حساب أخرى، ولكن فى الواقع أن غالبية ورؤساء الاتحادات باتوا الآن يلعبون دور “ العميل المزدوج “..
فى الوقت الذى انقسمت فيه الاتحادات من الداخل بسبب لعبة التوازنات، كما يحدث حاليا داخل اتحاد الكرة الطائرة برئاسة على السرجانى، بعد أن لجأت جبهة المعارضة الثلاثية داخل الاتحاد إلى اللجوء للوزير، فيما بقى السرجانى على عهده مع صديقه الصدوق خالد زين، وطالب رئيس اتحاد الكرة من رئيس اللجنة الأوليمبية حمايته مع المعارضة، والذى وصف الشكاوى التى تقدم ضده للوزير بأنها مجرد شكاوى كيدية، برغم أنها فى حقيقة الأمر مخالفات مالية.
السندان والمطرقة
وبرغم أن “العميل المزدوج”، فى حد تهمة وجريمة، فإن رؤساء الاتحادات الذين يلعبون هذا الدور معذورون، لأنهم وجدوا أنفسهم بين سندان زين، ومطرقة أبوزيد، ونقصد بسندان زين هو أن رئيس اللجنة الأوليمبية يهدد رؤساء الاتحادات بالاتحادات الدولية، وهو ما فعله على سبيل المثال لا الحصر مع حسن الحداد رئيس اتحاد المصارعة، بعدما قام زين بتحريض رئيس الاتحاد الدولى على الاتصال بالحداد وتهديده بحرمان مصر من المشاركة فى البطولات العالمية والدولية إذا لم يلتزم الاتحاد المصرى بالميثاق الأوليمبى، وطالب رئيس الاتحاد الدولى للمصارعة الحداد بدعم اللجنة الأوليمبية المصرية فى حربها ضد وزير الرياضة، فى نفس الوقت نجح زين فى جعل الاتحاد الدولى لكمال الأجسام يقوم بإرسال خطاب لوزارة الرياضة يطالب فيه برفع الإيقاف عن الدكتور عادل فهيم رئيس الاتحاد المصرى للعبة، وكان أبوزيد قد أوقف فهيم لاتهامه فى قضايا منظورة الآن أمام المحاكم .
وإذا كان هذا هو سندان زين، الذى يهدد الاتحادات الوطنية بسوط العقوبات من الاتحادات الدولية، فإن وزير الرياضة يمتلك سلاحا رادعا آخر، وهو مطرقة الدعم، حيث إنه يملك المنح والمنع المادى للاتحادات.. إضافة إلى فزاعة التفتيش المالى والإدارى، وهو الأمر الذى يجعل أى اتحاد عرضة للحل مع ظهور أى مخالفة مهما كانت كبيرة أو صغيرة.
فتح ملفات الوزير
وإذا كان طاهر أبوزيد حاول ضرب تحالف رئيس الاتحاد الدولى لكرة اليد بما يملك من علاقات دولية قوية مع رئيس اللجنة الأوليمبية المصرية، بفتح ملف قضية المليون و600 ألف فرنك، وتقديم بلاغ للنائب العام ضد الدكتور حسن مصطفى، فإن الأخير تحالف مع زين على الرد بالمثل، وعلمت «الأهرام العربى» أن الثنائى مصطفى وزين بدآ فتح الملفات القديمة لطاهر أبوزيد، وأولها أنه صادر ضده أحكام فى مايو من العام 2012، أثناء عمله الخاص.
والأهم والأخطر من هذا، أن زين يحاول تأليب وتحريض الشيخ أحمد الفهد، رئيس اللجنة الأوليمبية الكويتية وصاحب المناصب الدولية الرياضية الكبيرة، وذات الثقل السياسى ضد أبوزيد، على خلفية قيام الأخير بالسخرية من أحمد الفهد فى اجتماعه مع ورؤساء الاتحادات الرياضية المصرية.. ويأمل زين أن يلجأ الفهد إلى ثقله السياسى فى بلاده ويدفع حكومة الكويت إلى مخاطبة الحكومة المصرية من أجل الإطاحة بوزير الرياضة.
وتأكيدا أن معركة «الجزم» باتت حرب دمار شامل، وفى كل الاتجاهات، لم يكن غريبا أن نعلم أن رئيس اللجنة الأوليمبية المصرية قرر تقديم بلاغ للنائب العام ضد مجدى عبد الغنى نجم الكرة الدولى السابق ورئيس جمعية اللاعبين المحترفين، على خلفية قيام الأخير بالهجوم على خالد زين فى حوار صحفى مسجل الصوت، وصف فيه عبد الغنى الحرب الدائرة بين وزارة الرياضة واللجنة الأوليمبية بالحرب الدائرة بين الدولة وجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، كما طالب عبد الغنى فى حواره بمحاكمة خالد زين بتهمة الخيانة العظمى.