كشفت نتائج استطلاع رأي لأحد المراكز البحثية الأمريكية الموثوقةـ مركز بيو- في واشنطن- عن أن غالبية الأمريكيين ولأول مرة خلال أربعين عاما يعتبرون أن بلادهم تفقد من نفوذها وتمارس سلطة أقل مما مضى في العالم.
الاستطلاع الذي كانت عينته نحو ألفي شخص ، كشف أيضا عن أن غالبية من الأمريكيين تعتبر لأول مرة أنه يجدر بالولايات المتحدة "الاهتمام بشؤونها" على الصعيد الدولي، وأورد المعهد في دراسته أنه "للمرة الأولى خلال حوالي أربعين عاما من الاستطلاعات، تعتبر غالبية من الأشخاص (53%) أن الولايات المتحدة تلعب دورا أقل أهمية وقوة على صعيد العالم منه قبل عقد من الزمن. هذه النسبة أكبر بـ 12 نقطة منها في العام 2009.
وتضاعفت بأكثر من مرتين بالمقارنة مع العام 2007 في عهد إدارة الرئيس جورج بوش. ومن ناحية ثانية رأى حوالي 70% من المستطلعين أن قدر الاحترام للولايات المتحدة في العالم تراجع ووصل إلى مستويات مماثلة لما كان عليه في نهاية ولاية جورج بوش الثانية؟
ما تقدم وبخاصة الجزئية الأخيرة يطرح تساؤلات مثيرة، من عينة هل كانت سياسات باراك أوباما هي عينها سياسات بوش الابن وإن جاءت ملفوفة في قفاز من حرير؟ وهل كانت اتجاهات وتوجهات واشنطن لجهة العالم العربي في الأعوام الثلاثة الماضية التي عرفت باسم "الربيع العربي" سببا مباشرا في تجدد العداء لواشنطن؟.
الدراسة التي صدرت نتائجها من معهد "بيو" وجهت انتقادات شديدة إلى السياسة الخارجية التي ينتهجها حاليا الرئيس الأمريكي باراك أوباما، إذ يعارضها 56% من المستطلعين مقابل 34% يؤيدونها، ويبين التقرير أن الأمريكيين لا يوافقون بصورة خاصة على إدارته للوضع في سوريا وإيران والصين وأفغانستان.
والمثير في هذا الاستطلاع أنه ولأول مرة منذ حوالي نصف قرن، يظهر أن 52% من الأمريكيين يعتبرون أنه يجدر بالولايات المتحدة الاهتمام بشؤونها الخاصة على الصعيد الدولي وترك الدول الأخرى تحاول تدبير أمورها بأفضل ما يمكنها، مقابل 38% يعتقدون عكس ذلك. والذين يرون أن الولايات المتحدة تتحرك "أكثر مما ينبغي لمحاولة تسوية مشكلات العامة (51%) يعتبرون بصورة عامة أن المسائل المحلية ولاسيما الاقتصاد ينبغي أن تشكل الأولوية الرئيسية للإدارة الحالية، غير أن 77% من المستطلعين يشددون على أن المبادلات والعلاقات التجارية مع البلدان الأخرى تبقى مفيدة لبلدهم.. هل يعني ذلك أن واشنطن تعتزم بالفعل التراجع عن فكرها الأحادي حول العالم لاسيما فكر الهيمنة والسيطرة؟
في أحدث كتبه والذي هو عبارة عن حوارات صحافية أجراها الإذاعي الأمريكي "ديدبارساميان" وجاء تحت عنوان "أحاديث عن الديموقراطية والانتفاضات والتحديات"، يخبرنا عالم اللسانيات الأمريكي، واليهودي الأمريكي الأشهر، البروفيسور "نعوم تشومسكي" أن واشنطن لا تزال تتحدى العالم بإصرارها على العمل منفردة، وكأنها الوحيدة مالئة الدنيا وشاغلة الناس...
كيف ستمضي الأحداث بواشنطن في 2014 ؟
الثابت أن هناك كثيرا من الملفات التي قد نعود لها لاحقا، لكن في كل الأحوال سواء اتفقنا أو افترقنا فإن واشنطن ستبقى بجدليتها لاعبا صانعا لكثير من السياسات و الإستراتيجيات الدولية، لكن ربما يصدق فيها القول "لاعب مستقبله وراءه وليس أمامه"، لكن بشرط أن تظهر في الأفق قوى عالمية جديدة قادرة على مجابهتها في الحال والاستقبال