تعددت شكاوى المدرسين من عدم قدرتها على التحصيل، وبذلت معها أسرتها جهدًا كبيرًا حتى يتحسن مستواها التعليمي، وفى نهاية المطاف اصطحبوها إلى عيادة الصحة النفسية بوزارة الصحة، للكشف الطبي عليها، وكانت المفاجآة، انها اجتازت جميع اختبارات الذكاء بدرجة تفوق ذكاء الشخص العادي، فوصفها الأطباء الذين وقعوا الكشف الطبي عليها بأنها "خارقة الذكاء".
هذا مخلص قصة الطفلة حنين - 9 سنوات -، التى تعاني من ضعف ضعف التركيز وحالة من السرحان، تجعلها غير قادة على التحصيل الدراسى.
تقول الدكتورة إيمان جابر، مدير إدارة الأطفال المراهقين بأمانة العامة للصحة النفسية، بأنه تم التواصل مع الدكتور عصام حجي، مستشار رئيس الجمهورية العلمى بعد أن تم إجراء اختبار ذكاء للطفلة حنين أحمد علي، فى مستشفى حلوان وحققت ١٥٠ درجة في الاختبار، وهؤلاء نسبتهم العالمية لا تتعدى ٠.٥٪ عالميًا، بينما الدرجة الطبيعية مرتفعة الذكاء كانت ما بين ٩٠ إلى ١٢٠، ولذلك لابد من توفير برامج تعليمية خاصة لها.
وأضافت الدكتورة ولاء حسني، مديرة عيادة الأطفال فى العباسية، أن التردد الشهرى لعيادة الصحة النفسية حوالى ٦٠٠ طفل في الشهر، والأطفال معظم يعانون من أمراض نفسية مثل فرط الحركة وتشتت الانتباه، وقلق عام، ونقدم لهم خدمة جلسات نفسية فردية علاجيه لتنمية المهارات وتعديل السلوك، وتقدم تلك الخدمة مجانا.
ومن جانبه يقول أحمد علي، والد حنين، أن مشكلتها تتلخص في شكوى المدرسة من الطالبة أن تركيزها قليل ولا تدون ما يكتب على السبورة، وبالتالى تابعنا مشكلتها وقررنا إجراء اختبار ذكاء لها للتأكد من قدراتها.
وتقول نفين شافعي، والدة الطفلة، إن الشكوى كانت من المدرسة فقط ولكن الطفلة حنين كانت فى المنزل طبيعية، وكل مشكلتها أنه عندما تسمع الشرح من أساتذتها لا تهتم لأنها تعرف مسبقًا ما يتم تدريسه، وتريد مستوى أعلي في المعلومات، وعندما لا يتحقق ذلك فيكون الأمر الطبيعى أنها لا تلتفت إلى ما يقولوا.
وفى حوار مع الطفلة حنين أحمد علي، ثالثة ابتدائي، قالت إنها: تحب علم الفلك والفضاء وأسماء الكواكب وما إذا كانت تحتوى على أوكسجين وإمكانية العيش فيها.
وأشارت إلى أنها تعلمت ذلك بمفردها من خلال وسائل الإعلام، كما أنها تلجأ لقصص التجارب العلمية وتقرأها.
وتضيف الطفلة: "المدرسة ليست جيدة لأن المدرسين "بيزعقوا" لى ولزملائى .. وأنا لا أحب " الزعيق"، وقالت إنهم يفلعوا ذلك لأني بأكون سرحانه ولا اهتم بما يقولونه لأنى عرفاها خلاص.. وعايزه أخترع سيارة تطير، أو إنسان آلى".
واليوم قام الدكتور عصام حجي، المستشار العلمى لرئيس الجمهورية للقيام بزيارة لعيادة الأطفال بالصحة النفسية بالعباسية، للاستماع لشكوى الأطفال وعائلاتهم الذى يحتاجون لمعاملة خاصة تناسبهم وتناسب احتياجاتهم.. وقد حضر المستشار العلمى لرئيس الجمهورية أمس إلى العيادة وقام بعرض فيلم تعليمى عن الفضاء وتحدث لأهالى الأطفال واستمع لشكواهم.
وأكد الدكتور عصام حجي، أنه لن يكون مقبولًا بعد اليوم أن يعاني هؤلاء الأطفال من الاستمرار في مواجهة تلك المشاكل، مشيرًا إلى أنه شخصيا كان يعاني من مشاكل أثناء دراسته، وكان لديه مشاكل فى النطق أدت إلى طول سنين الدراسة وقال: "كنت أجلس فى نهاية الفصل بجانب الشباك أصنع صواريخ ورق، وكانت تلك دراستى فى المرحلة الابتدائية والإعدادي وحتى الثانوي كنت الطالب الذى يجلس بجانب الشباك، وتم استدعاء ولى أمري أكثر من مرة.
كانت الشكوى أن هذا الطالب لا يفرح إذا حقق درجة جيدة، ولا يغضب إذا لم يحققها، وكان بالنسبة لي المدرسة مكان أُحبس بداخله يوميا، وفى يوم من الأيام سوف أصنع صواريخ تقدر تطير بها لأماكن بعيدة، وبالفعل بعدها بعدة أعوام أصبحت أعمل فى وكالة ناسا الأمريكية، وأصبح عملى هو صناعة الصواريخ التى تكتشف القمر والفضاء والكواكب البعيدة، والدرس الذى تعلمته فى الدنيا أنه يمكن تغير نفسك فى الوقت الذى لا يمكنك تغيير شىء من حولك.
وأشار إلى أن المجتمع لابد أن يغير نظرته إلى أماكن العلاج النفسي لأنه لا يوجد مجتمع متطور بدون أن يتمتع مواطنيه بالصحة النفسية الجيدة وهذا ما يتم تقديمه فى عيادات الصحة النفسية.
وقال لابد من إزالة الصورة النمطية لذوى الاحتياجات النفسية والمجتمع بشكل واضح، لابد أن يتخلص من أمراض نفسية كثيرة منها الاحباط وعدم الاهتمام بالموهوبين والأذكياء، ومنها عدم الاهتمام بالأطفال الذين يحتاجون إلى رعاية خاصة في المنظومة التعليمية، لافتًا إلى أن الأطفال الموجودين في العيادة النفسية متواجدين ليس لأنهم يعانون من أخطاء لديهم ولكن لأن المجتمع في الخارج فشل في التعامل معهم بشكل صحيح.
وأضاف بأنهم متواجدون لتغير تلك الحقيقة التى لن تتغير بعصا سحرية، ولكن عندما تستمع الدولة لاحتياجات الأطفال الخاصة، ولا يوجد شخص بمعزل عن احتياجه لرعاية نفسية، ومن خلال مشروع إستراتيجي لتطوير التعليم يبدأ ٢٠١٤ إلى ٢٠٢٠ مع وزير التعليم سوف يفرد جزءا مهما لذوى الاحتياجات النفسية الخاصة بالمساواة بأقرانهم فى الدول المتقدمة، خاصة وأن عددًا كبيرًا من العلماء والمفكرين كانوا من ذوى الاحتياجات الخاصة.